حدثت هذه القصة في بلاد المسلمين الحقيقية التي حكمت بشرع خالقنا جل في عليائه، حدثت في عهد الخليفة الإسلامي عمر بن عبد العزيز، حكم بضعاً وثلاثين شهراً كانت أفضل من ثلاثين دهراً، نشر فيهم العدل والإيمان والتقوى والطمأنينة، وعاش الناس في عز لم يروه من قبل.
لكن فوجئ أمير المؤمنين بشكاوى من كل الأمصار المفتوحة (مصر والشام وأفريقيا...)، وكانت الشكوى من عدم وجود مكان لتخزين الخير والزكاة، ويسألون: ماذا نفعل؟
فيقول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: أرسلوا منادياً ينادي في ديار الإسلام: أيها الناس من كان عاملاً للدولة؟ وليس له بيتٌ يسكنه فلْيُبْنَ له بيتٌ على حساب بيت مال المسلمين.
ياأيها الناس من كان عاملاً للدولة وليس له مركَبٌ يركبه، فلْيُشْتَرَ له مركب على حساب بيت مال المسلمين.
ياأيها الناس من كان عليه دينٌ لا يستطيع قضاءه، فقضاؤه على حساب بيت مال المسلمين.
ياأيها الناس من كان في سن الزواج ولم يتزوج، فزواجه على حساب بيت مال المسلمين.
فتزوج الشباب الأعزب... وانقضى الدين عن المدينين... وبُنيَّت البيوت لمن لا بيت له يظلله... وصرف مركب لمن لا مركب له.
فهل سبق وأن سمعتم حضارة على مر العصور والأزمنة حدث فيها مثل ما حدث في عهد الخليقة الإسلامي عمر بن عبد العزيز!
ولكن المفاجئة الأكبر في القصة هي أنَّ الشكوى ما زالت مستمرة بعدم وجود أماكن لتخزين الأموال والخيرات! فيرسل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إلى ولاته: "عُودوا ببعض خيرنا على فقراء اليهود والنصارى حتى يسْتَكْفُوا"، فأُعْطُوا.
والشكوى ما زالت قائمة، فقال: وماذا أفعل؟ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، خذوا بعض الحبوب وانثروها على رؤوس الجبال فتأكل منه الطير وتشبع.
لكن اليوم ماذا سنقول ياعمر: جاعت الأطفال... وبُعثرت الأموال... وقُتِّلَ الشباب... وانتُهكت الأعراض... وشُرِّدت العائلات... واستُبيحت دماء الشيوخ والنساء والأطفال.
أين نحن من ذاك الزمان؟ نسأل الله العفو والعافية وحسن الخاتمة في الدين والدنيا والآخرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق